تقرير حقوقي: كبار السن يواجهون معدلات عالية من سوء المعاملة والاستغلال
تقرير حقوقي: كبار السن يواجهون معدلات عالية من سوء المعاملة والاستغلال
يبيح التمييز الهيكلي على أساس السن والتمييز ضد كبار السن استمرار السياسات والممارسات التي تقيد أهليتهم القانونية، وقد تترتب على التدابير الأبوية لحماية كبار السن نتائج عكسية من خلال فرض قيود لا موجب لها على استقلاليتهم، وتؤدي العوامل الاجتماعية والاقتصادية دورا أيضا.
جاء ذلك في تقرير الخبيرة المستقلة المعنية بتمتع كبار السن بجميع حقوق الإنسان، كلوديا ماهلر، حول الأهلية القانونية والموافقة المستنيرة، المقدم لمجلس حقوق الإنسان في دورته الـ57 التي تتواصل فعالياتها حتى 9 أكتوبر المقبل، واطلع "جسور بوست" على نسخة منه.
وبحسب الخبيرة المستقلة، قد يحدث خلط بين الافتقار إلى الدراية الرقمية أو المعلومات التي تقدم بطريقة يتعذر على كبار السن الاطلاع عليها وبين نقص القدرات، وكثيرا ما يواجه كبار السن الذين يواجهون أشكالا متقاطعة من التمييز، بمن فيهم النساء والأشخاص ذوو الإعاقة، ومن بينهم المصابون بالخرف والمنتمون إلى الشعوب الأصلية وأفراد مجتمع الميم الموسع، قيودا إضافية على أهليتهم القانونية.
وحذرت ماهلر، من أن لحرمان كبار السن من حقوقهم في الأهلية القانونية الكاملة آثاراً لا حصر لها على حياتهم اليومية وتمتعهم بحقوق الإنسان الأخرى. فقد يتعذر عليهم اختيار ترتيباتهم المعيشية بحرية، أو اتخاذ القرارات الأساسية المتعلقة بصحتهم أو رعايتهم أو شؤونهم المالية أو مشاركتهم الكاملة في المجتمع.
ويواجه كبار السن الذين يخضعون لممارسات مثل الوصاية أو الإيداع في المؤسسات قيودا أساسية أكبر، بما في ذلك القيود المفروضة على حرية تصرفهم وحرية تنقلهم. ولا بد من الأخذ بنهج تدعم كبار السن الذين يعانون من التدهور الإدراكي أو غيره من القيود دون التعدي على حقوق الإنسان المكفولة لهم. وقد تشمل هذه النهج تدابير لتعزيز الدعم في اتخاذ القرار وتوسيع نظم الدعم المجتمعي وإشراك كبار السن بطريقة مجدية في وضع السياسات المتعلقة بالأهلية القانونية.
وفي حين أن صحة كبار السن وأداءهم الوظيفي أكثر تباينا من صحة وأداء البالغين الأصغر سنا، فإن كبار السن كمجموعة كثيرا ما يتصفون بأنهم يعانون من تدهور بدني وإدراكي وزيادة التعرض للإيذاء والاستغلال. والقيود المفروضة على حقوق كبار السن في ممارسة الاختيار كثيرا ما تكون ناتجة عن افتراضات نمطية عن قدرات كبار السن ورغباتهم واحتياجاتهم، ما يؤدي إلى إهمال رغباتهم وافتراضات عن تفضيلاتهم وتجاهل قيمهم وآرائهم واتخاذ القرارات نيابة عنهم.
وتؤثر قيود الأهلية القانونية على استقلالية كبار السن في ما يتعلق بجميع أنواع القرارات الشخصية تقريبا، بما في ذلك إدارة الشؤون المالية، واختيار العمل، والتصرف في الممتلكات، والتصويت، واختيار الترتيبات المعيشية والرفاق، والحصول على الخدمات الصحية، والمشاركة في الأنشطة الأسرية والمجتمعية.
وفي أحيان كثيرة، تعمد السلطات الحكومية والمحلية وصانعو السياسات، وكذلك العاملون في الرعاية الصحية وأفراد الأسرة والأصدقاء، إلى منع كبار السن من اتخاذ القرارات المتعلقة بشؤونهم الخاصة، ويمسكون عن دعم مشاركتهم وتمكينهم.
والإيداع القسري في المؤسسات وسيلة أخرى يمكن استخدامها لتقييد الأهلية القانونية لكبار السن. ومن الممارسات الشائعة في العديد من البلدان أن تتجاوز الأسر أو السلطات الأهلية القانونية لكبار السن من أجل إيداعهم في مؤسسات قد يتعرضون فيها لقيود على حرية الحركة والقدرة على تقديم الموافقة المستنيرة على العلاج.
ويمكن أن يكون فقدان الدخل والتصورات المسبقة السلبية وهجر الأسرة سببا لتقييد الأهلية في سن الشيخوخة. بالإضافة إلى ذلك، عندما يتوقف كبار السن عن العمل بأجر، يحدث في كثير من الأحيان تغيير في ديناميات الأسرة وأدوارها. وعلاوة على ذلك، قد تفرض الدول أيضا قيودا على الأهلية القانونية للوصول إلى الأصول المالية، بما في ذلك المعاشات التقاعدية والمدخرات، للسيطرة على كيفية استخدام تلك الموارد.
وفي الممارسة العملية، قد يفرض المقربون من كبار السن الأثرياء أيضا قيودا على أهليتهم القانونية أو قد لا يعترفون بإرادتهم وتفضيلاتهم في الحالات التي يسعون فيها إلى التحكم بمواردهم.
ويواجه كبار السن معدلات عالية من العنف وسوء المعاملة والاستغلال المالي. وهذه مشكلة كبرى من مشاكل الصحة العامة تؤدي إلى عواقب صحية خطيرة على الضحايا، بما في ذلك زيادة احتمالات الاعتلال والوفيات والإيداع في المؤسسات والإدخال إلى المستشفيات، ولها تأثير سلبي في الأسر والمجتمع عامة. وتشمل إساءة المعاملة وإقدام أفراد الأسرة أو مقدمي الرعاية على حبس الشخص المسن، حتى إذا كان القصد من ذلك حمايته.
وقد يشعر ضحايا سوء المعاملة بالخوف أو الذئب أو العار، وقد تمنعهم هذه المشاعر من اللجوء إلى العدالة وقد يساء تفسيرها بأنها نقص في القدرة على اتخاذ القرار.